مركز ميسان العالمي للحوار والتنمية الثقافية، هيئة مستقلة غير حكومية، ترى في الحوار الحر والبناء بين الثقافات والحضارات، أسلم طريق لبناء مجتمعنا البشري، وتعتقد أن السلام بين الشعوب على كوكبنا، ونبذ العنصرية والأفكار والممارسات التي تدعو إلى الكراهية والاستعلاء والتطرف، هي ثقافة القرن الحادي والعشرين بأمتياز
    ميسان محافظة الأساطير
    19/07/2009

    تشكل محافظة ميسان ومركزها "العمارة” أهمية خاصة من حيث التاريخ العراقي وعلى صعيده الحضاري بشكل خاص، لأنها حاضنة أرقى حضاراتها "سومر”. وتشير اغلب المصادر إلى أن ميسان دويلة أنشئت في جنوبي ارض بابل تحت حماية السلوقيين "311 قبل الميلاد” وعندما ضعف شأنهم نحو "223 قبل الميلاد” استقلت ثم تدرجت في سلم القوة وأصبحت دويلة مهمة.


     وفي الآرامية تعني مياه المستنقعات "مي آسن” وفي ميسان أيضا يقع قبر النبي "العزير” وهو مقدس عند اليهود والمسلمين بالإضافة إلى أضرحة مقدسة لدى شيعة العراق كضريح عبيد الله بن علي بن أبي طالب.
     وفتحت ميسان في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب "رضي الله عنه” على يد القائد العربي عتبة بن غزوان المازني وورد اسم العمارة في تاريخ الرحلات واقدم من وصلها سباستياني في عام 1596 وفي رحلته يشير إلى العمارة والمنصورية وقصر وربما كانت جزراً مسكونة حيث يتلاشى نهر دجلة، وفي الرحلة الثانية يتحدث عن العمارة كقرية تبعد عن بغداد ثلاثة أيام وفيها "انكشاريون” انزلوه في دار الكمرك، وأخيراً فهي من أعمال الوالي العثماني محمد نامق باشا الذي انشأ فيها أول معسكر على نهر دجلة وقد تولى قيادته المقدم حسين بك .
     وتمتاز أيضا ميسان بكثرة "اليشن” وهي كلمة سومرية تعني المرتفع أو التل التي دارت حولها أساطير وخرافات كثيرة، حيث يتداول السكان قصصا حولها ففي أساطيرهم أنها بقايا مدن غضب الله عليها وحولها بقدرته إلى رجم، فهناك حسب ما قيل بأساطير "يشان أبو الذهب” الذي يخرج منه الزورق الذهبي كل أربعين جمعة متجولاً في انهار وممالك ميسان ويؤكد بعض السكان بقوة انهم يرونه باستمرار ولا يتعرضون له لأن الذين فعلوا ذلك من قبل تعرضوا لعقوبات طالت حياتهم وحياة عوائلهم وأرزاقهم وابتلتهم بالأمراض،
     كذلك هناك الكنوز التي هي متداولة في الأساطير مثل "كنز حفيظ” وقد تحدث عنه نقلاً عن السكان بعض الرحالة الأجانب الذين أدهشهم عالم الاهوار وسلالة السومريين التي ما زالت تعيد إنتاج الأسطورة، وكنز حفيظ عبارة عن كمية هائلة من الذهب والمجوهرات يحرسها الجن وكبيرهم "حفيظ” .
     وتكثر الاهوار "المستنقعات القصبية” في العمارة خاصة في بعض أقضيتها ونواحيها كالمجر الكبير والعدل والعزير والكحلاء والمشرح وهي متاخمة للحدود مع إيران.
    وتشكل الاهوار ثروة اقتصادية وسياحية كبيرة وقد تعرضت لعملية تجفيف مع بداية الثمانينات حيث بداية الحرب مع إيران وشرد أهلها، وكانت الغاية من ذلك أنها تصلح كمأوى للهاربين من الخدمة العسكرية وفقاً لتبريرات سلطة صدام حسين وأدرجت عملية تجفيف الاهوار ضمن لائحة جرائم صدام حسين الذي بدأت محاكمته مؤخراً.
    وقد تأسست في قضاء قلعة صالح أول مدرسة عام 1917 والتي تخرج فيها العالم المعروف عبد الجبار عبد الله وهو من الطائفة الصابئية المندائية، كما أنشئت في العمارة أول كنيسة للمسيحيين الكلدانيين واسمها كنيسة أم الأحزان عام 1881 وهذا ما يشير إلى تعدد المذاهب المتآخية فيها من مسلمين ويهود ومسيحيين وصابئة .
     وتفرض الأعراف الاجتماعية والعشائرية قوتها في حل الخلافات التي تدور وتوقفها حال تدخلها.
     وشهدت ميسان ولادة رموز كبيرة في الإبداع والثقافة العراقية، ففيها ولد الشعراء حسب الشيخ جعفر وعبد الرزاق عبد الواحد ومالك المطلبي وآخرون، كما في القصة والرواية مثل جمعة اللامي وعبد الرزاق المطلبي ومحمد شاكر السبع وفي المسرح الدكتور فاضل خليل وانعام الربيعي .
     وفي العمارة مهن عديدة فنية، ومنها خرجت اقدم مصورة فوتوغرافية سميرة مزعل التي عرفت بتحررها ويساريتها وتعرضت لصنوف المضايقات والاعتقالات، وفي الغناء الريفي الاول اشتهرت بمغنين قدامى أسسوا الخطاب الغنائي الأصيل كسيد محمد وجويسم وكرير وسيد فالح وسلمان المنكوب وداود زيدان وقد ولع شيوخ العشائر بأصواتهم فكانت لهم حظوتهم.
    تعرضت العمارة لحملات قمع من قبل النظام السابق خاصة في انتفاضة عام 1991 واكتشفت فيها أول مقبرة جماعية على مقربة من قيادة الفيلق الرابع.
    جريدة الخليج ـ الشارقة
     الخميس 29 ديسمبر 2005

     

     


     

    © 2009 - 2013 Sharjahmisan.com All rights reserved
    Designed by Sillat Media & Managed by Ilykit